سأصمت والفؤاد ذوى وشــابــا
وشجو الروح افقدني الصوابـــا
فؤادي أيـــهــا المـوارُ عذراً
مدائنك التي بنيت خرابا
وأمسى الــبُـوم يحرسها بصمتٍ
ومصباحي خبا والثلجُ ذابـــــا
وأشـباحُ الـــفـِـراق ِإذا رأتني
دنت مني وأهدتني خطابـــــا
لــهـا في ضفتي اليمنى هجوعٌ
وفـــي اليسرى تمزقني الحرابا
مدائن خافقي أطلالُ بـــــؤسٍ
وقــــد كانت لأحلامي قِـبابا
فـأيـن النخلُ لا رطـبٌ شـهـيٌ
وأين الماءُ هـــل أضحى سرابا
وأيـــــن الوردُ والريحانُ قلت
نضارته وأين الطلُ غابـــــا
ريــاحُ القحطِ قد رقصت وجاءت
معاولها لتهدمها غلابــــــا
وأطياري تــنـــوح وترتجيها
سكوناً دون أن تلقى جوابــــا
فبتُ الــفــارسُ المهزومُ تكبو
مشاعرهُ ولا يقوى وثــابـــا
أنامُ على الصفيحِ ألـــوكُ قهري
وأرثي دمعةً لــــــم تستتابا
أناجي فــــي هزيع الليل بدراً
نـــــأى وأظنُ لا يهوى إيابا
وأرنو نحوهُ والعينُ ثــكــلـى
ووجهُ الكونِ يزدادُ اقترابــــا
خبت يــــا بدرُ أفاقي شموع ٌ
وقد سئمت قعوداً وانتصابـــا
لقد أوقدتها لأقيم عُرســـــاً
وأرتشفُ الهوى كاساً مذابـــا
وأبني الفَ سورٍ لا ترانــــا
عيونٌ أو يخالجنا ارتيابــــا
فأين البدرُ هــــل أغراهُ شرقٌ
وأرض الغرب تضطرب اضطرابـا
لـقـد أُرهـقت والوسواسُ ذئبٌ
يطاردني وحلمُ الأمسِ خابـــا
فعذبُ الماءِ في البلعوم مـــرٌ
وفوق موائدي نبقاً وصابــــا
مدائنُ خافقي والــيــأسُ ليلٌ
يعذب حاضري الدامي عذابـــا
سأرحلُ عن حماكِ أرومُ شرقــاً
ولو كثرُ الضبابُ فلن أهابـــا
يـقـول الصحبُ والألغام تحتي
كفى وأنا الذي هجرَ الصحابــا
أقـــولُ لهم دعوني رُبَ موتٍ
لهُ الأرواحُ تفترشُ السحابـــا
حياةٌ لا يعانقها وفــــــاءٌ
هي القبوُ الذي لعقَ الترابـــا